بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء*
وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ*
صدق الله العظيم
خلال الفترة ما بين 2 و 11 يونيو2009م وبمبادرة وطنية جادة من مركز (منارات) عقدت أكثر من (50) منظمة من منظمات المجتمع المدني في أمانة العاصمة، وأكثر من (160) شخصية وطنية وفكرية واجتماعية فاعلة، سلسلة من اللقاءات التشاورية على مدى أربعة أيام تداولت خلالها مشروع الرؤية المشتركة لمنظمات المجتمع المدني تجاه ما يجري في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي للوطن والمقدمة من مركز (منارات) وبعد المزيد من المداخلات والمداولات والإضافات والتعديلات على مدى أربعة أيام خرج المشاركون بهذه الرؤية المشتركة لمنظمات المجتمع المدني تجاه المشهد الوطني الراهن والمسماة بـ (رؤية منظمات المجتمع المدني من أجل حماية الوحدة وتحقيق التغيير الوطني الديمقراطي) واعتبارها دليل عمل مشترك لكل المنظمات المشاركة في الملتقى , وترك الباب مفتوحا لكل من لم تتح لهم فرصة المشاركة لسبب أو لآخر للانضمام والمشاركة لاحقا في ضوء ما تضمنته هذه الوثيقة من منطلقات وأهداف ومحاور وما صدر عن الملتقى من مقررات وآليات للعمل اللاحق أهمها تشكيل مجلس عام تنسيق منظمات المجتمع المدني بواقع ممثل واحد عن كل منظمة انبثق عنه هيئة تنفيذية منتخبة من المجلس كآلية مستمرة لعمل المجلس وتنفيذ مقرراته وفي ضوء مستجدات المشهد الوطني وتطوراته الخطيرة على الصعيدين السياسي والعسكري ومبادرة الأخ رئيس الجمهورية لدعوة كل إشكال الطيف السياسي والوطني للحوار الجاد من اجل تجاوز هذه ا لمخاطر كأستجابه مباشرة وغير المباشرة لقناعات كل العقلاء والأوفياء لليمن وثورته ووحدته وأمنه واستقراره فأن مجلس عام تنسيق منظمات المجتمع المدني وهيئته التنفيذية وامتداداً لكل دعواته وجهوده السابقة في هذا الصدد إذ يبارك هذه الدعوة ليتقدم اليوم برؤية الخاصة لإنجاح مسيرة الحوار الوطني الديمقراطي من اجل حماية الوحدة وتحقيق التغيير الوطني الديمقراطي والمكونة من أربعة محاور رئيسية بداءً بمنطلقات وأهداف الرؤية للمشهد الوطني الراهن مروراً بتحديد أولويات العمل السياسي والوطني وصولاُ إلى الإصلاحات الدستورية المطلوبة وانتهاءً بمقترح لبرنامج العمل الوطني الاستراتيجي المشترك لمرحلة ما بعد تأجيل الانتخابات وحتى موعد استحقاقاتها وعلى النحو الآتي :
المحور الأول
أولاً: : منطلقات وأهداف الرؤية:
لقد خلصت قيادات منظمات المجتمع المدني إلى أن الحاجة ملحة لمزيد من الحوار الوطني يختصر المسافة بين المجتمع المدني بمختلف مكوناته ومؤسساته الرسمية والأهلية وقيادة السلطة والمعارضة لاجتياز العقبات والعوائق التي تحول دون التنمية الشاملة والاستقرار والسلم الاجتماعي واجتثاث مخلفات الأزمات السياسية التي سبقت الوحدة أو واكبتها. وبالتالي فأن رؤية منظمات المجتمع المدني تهدف إلى فتح الحوار الوطني من أجل تعزيز الوحدة والديمقراطية والتقدم، وإنجاز مهام المرحلة التاريخية المتمثلة ببناء مؤسسات الدولة الحديثة وصيانة وتعزيز منجزات الثورة والوحدة والديمقراطية، وتحقيق الإصلاحات التشريعية والسياسية والاقتصادية وتحقيق المواطنة الحقة والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام الرأي والتعبير وتمكين المختصين ودعم التعليم والعلماء وتفصيل ذلك على النحو الأتي:
1- فيما هو وطني:
أ. التأكيد على دور اليمن الفاعل في تأسيس وبناء صرح الحضارة الإنسانية منذ فجر التاريخ، ودوره المميز في نصرة الإسلام، ونشره، وبناء دولته، وتطوير أسسه الفكرية وقواعده الفقهية والشرعية بعيداً عن المصالح والمزايدات السياسية الآنية والنزوات الطائفية والمذهبية الضيقة .
ب. التوعية بتجربة اليمن في التاريخ الإسلامي كمكان للتعايش والتسامح الفكري والديني والمذهبي ونبذ كل إشكال التطرف والمغالاة والتعصب المنافية لجوهر الإسلام ، ولمبادئ العقل والمبادئ الإنسانية.
ج. التأكيد على الهوية الثقافية الوطنية والقومية والاسلامية لليمن إطارا حضاريا، وقاعدة أساسية في بناء الإنسان اليمني روحا ووعيا، واستلهاما لتراثه الحضاري والإنساني.
د. التأكيد على الثوابت الدستورية القائمة على مبدأ التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية ومبدأ الفصل بين السلطات وحرية الصحافة واستقلال القضاء والانتخابات الديمقراطية التنافسية انطلاقاً من دستور دولة الوحدة.
هـ. حماية الثوابت الوطنية التي هي ثمرة لنضال الشعب اليمني في الثورة والوحدة والديمقراطية، وتعزيزها كقاعدة عامه للانتماء الوطني والشراكة السياسية الديمقراطية.
و. حماية الوحدة الوطنية من خلال تفعيل النظام والقانون، وإنهاء كافة الاختلالات والعمل بمبدأ الثواب والعقاب وتفعيل دور المؤسسات المدنية في المراقبة ووضع حد لمظاهر الفساد والإفساد المستشرى في الحياة العامة والخاصة.
ي. معالجة الأوضاع المختلة للمجتمع في المرحلة الراهنة، والتخلص من الاحتقان السياسي والاجتماعي، وكل ما يتصل بقطع دابر الأيادي العابثة بحاضر ومستقبل اليمن، ووضع الحلول الملائمة لها، بما يعزز الاندماج الثقافي والسياسي للمجتمع، ويعجل التنمية الشاملة والمستدامة ويعزز الأمن والاستقرار
2- فيما هو عربي، وإسلامي وإنساني:
أ. التأكيد المطلق بأن العروبة هي منبع الإسلام والإسلام هو هوية ورسالة العروبة إلى الإنسانية عامة .
ب. تحديد ما هو معلوم من الدين الإسلامي بالضرورة في الأصول، وما هو موضع إجماع واتفاق بين مختلف الآراء والمذاهب والاجتهادات وشرحه وتوضيحه من واقع القران الكريم والسنة النبوية، وفهمهما فهماً صحيحاً بمقتضى العقل ومنطق التاريخ وحق الاجتهاد.
ج. تحديد ما هو موضع اختلاف مقبول في الفروع، دون المساس بالأصول أو التناقض معها كلياً أو جزئياً، والحوار فيها بروح العقل والتسامح والتعايش مع الآخر، واحترام حق الاختلاف الذي تضلله الرحمة ويعزز التكامل ولا يفسد للود قضية، ونبذ الخلاف المدفوع بالحقد والكراهية والتفرقة الطبقية والدعوات العنصرية.
د. التأكيد على حقيقة التوافق والتكامل بين ما هو وطني وقومي وما هو إسلامي وأنساني، فالوطنية ألحقه لا تتعارض مع القومية الصادقة، ولأن العروبة منبت الإسلام، والإسلام رسالة العروبة إلى الإنسانية. {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } صدق الله العظيم.
ه. بلورة الأسس الدينية والوطنية والإنسانية المطلوبة في الخطاب الوطني والقومي والإسلامي لنُصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية في فلسطين والعراق المحتلين والسودان والصومال وحتى أفغانستان والشيشان، في مواجهة الغزاة المعتدين من الصهاينة والمستعمرين القدامى والجدد.
و. رصد وبلورة أهم متغيرات المرحلة التاريخية الراهنة محلياً وقومياً وعالمياً ومستجداتها العلمية والتقنية، وتحديد الأسس الوطنية والقومية والدينية والحضارية للتعامل معها أخذاً وعطاء وتأثيراً وتأثراً وبما يعزز التقدم ويحد من حالة التخلف .
ز. حمل رسالة العروبة والإسلام ببعدها الإنساني إلى الآخر من خلال الحوار والكلمة السوية والمجادلة بالتي هي أحسن بعيداً عن الشطط والتعصب الأعمى والمسيء للإسلام والمسلمين.
ح. التركيز على قضايا التنمية والتطور الاجتماعي والاقتصادي للأمة العربية والإسلامية وتعزيز مجالات التكامل الاقتصادي بين أقطارها بالاستناد إلى العلم والمعرفة التقنية المتطورة، انطلاقاً من جوهر صحيح الدين الإسلامي الحنيف، والحاجة إلى العلم والمعرفة لأهميتهما في صنع حاضر الأمة ومستقبلها.
ط. الاهتمام بحقوق الإنسان التي أقرتها الشرائع السماوية وتبنتها المواثيق الدولية بدءاً بحق الحياة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين كل البشر، واعتبار الشورى والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة إطارا لها.
ي. استباحة سيادة الوطن العربي من قبل الأساطيل الصهيونية الدولية وكأن صناع القرار لا يعنيهم الأمر في شيء اذ لم يكونوا قد شكلوا غطاءً مساعداً لهذا الفعل المشين بصورة مباشرة وغير مباشرة
ك. الحملة الظالمة التي تعرض لها عالم الإسلام في جوهر الدين ومبادئه ورموزه، وتراجع أوضاعه في مختلف بلدانه.
ل. تعتبر اليمن نقطة ارتكاز وقوة وتحول استراتيجي لوحدة دول الجزيرة والخليج في ضوء النسيج الاجتماعي الثقافي التاريخي القائم الذي يشكل احد أهم المنطلقات والتنسيق المشترك لخير المجتمعات في المنطقة العربية ووحدة الأمة العربية والإسلامية وتعزيزاً لأمنها واستقرارها.
ثانياً: ملامح المشهد الوطني الراهن:
تستحضر رؤية منظمات المجتمع المدني هذه تاريخ النضال الوطني للشعب اليمني الذي أثمر ثورتي سبتمبر وأكتوبر والحلم الذي كان وراء قيامهما بتصحيح مسار التاريخ واستعادة اليمن شخصيته الجغرافية والبشرية والحضارية الواحدة، كما استوعب معطيات الواقع الراهن إقليمياً وعربياً وإسلاميا وعالمياً، واهتدى إلى التشخيص العلمي لملامح المشهد اليمني والعربي والإسلامي والدولي وعلى النحو الآتي:
1. تحرك قوى رجعية قديمة جديدة تريد إعادة التاريخ إلى الوراء، فراحت تتحرك في وسط اجتماعي سليم النية، تستغل وعيه العفوي الصادق بالدين، لكنها بالمقابل تدمر مستقبله بما يجعل الضرورة ملحة لتحسين صورة اليمن عربياً وعالمياً وقطع دابر هذه القوى الرجعية والمتخلفة بلا رجعة .
2. تباطؤ إنجاز مهام دولة الوحدة وبناء مؤسسات الدولة اليمنية الحديثة، وضعف أداء الجهاز التنفيذي للدولة، وتعثر النظام القضائي، وعجزه عن فرض وتحقيق العدل المنطلق من قانون الدولة العام بفعل ضعف تأهيل الكادر وإبعاد الكفاءات وغياب الروح الوطنية مما أدى إلى تنامي اللامبالاة وتفشي الفساد.
3. إهمال أجهزة الدولة لكثير من الحقوق العامة الخاصة للناس ومعالجة جروح الماضي، وتامين الاحتياجات الأساسية لأبناء المجتمع لتحقيق الاستقرار المعيشي ومعالجة البطالة وكبح جماح الغلاء وتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية الأمر الذي أدى إلى الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي كانت أثاره أكثر بروزاً في محافظات بعينها.
4. الأزمة الاقتصادية العالمية وما ألقته من انعكاسات وأحدثته من آثار وتداعيات على الاقتصاد الوطني وحركة التنمية.
5. الفساد المستشري في الكثير من مفاصل الدولة والمحسوبيات التي تقضي على مبدأ تكافىء الفرص وتمكين الشخص المناسب في المكان المناسب .
المحور الثاني
أولويات العمل السياسي و الاجتماعي الملح على المستوى الوطني بشكل عام
وعلى مستوى بعض المحافظات بشكل خاص
أولاً: على الصعيد الوطني العام
1. الاعتراف بوجود مشاكل ومخاطر وطنية حقيقية
إن الاعتراف بوجود المشكلة هو أول خطوات الحل، لا لمجرد أن الاعتراف بالدى وتشخيصه هو نصف الطريق إلى الدوى والتعافي منه بل ولأن ترسيخ تقاليد مؤسسية عند بروز أي مشكلة لدراستها والتعرف على الأسباب التي أدت إلى حدوثها والعمل على معالجتها بوضع عدد من الخيارات والبدائل واختيار الأفضل من بينها هو ما ينبغي احترامه في العمل الوطني، مع عدم إغفال إشراك أطراف المشكلة في التشخيص والبحث عن الحل ليتحمل الجميع المسئولية في كل ما يترتب على الحل عبر جهات الاختصاص ذوي الكفاءات العلمية والمهنية دون اللجوء إلى تشكيل اللجان المؤقتة حتى لا تكون سبباً في إطالة زمن الحل وخلق روح الاتكالية وإضعاف دور ومكانة مؤسسات الدولة المركزية أو المحلية في الحل باعتبار حل هذه المشاكل جزء لا يتجزأ من مسئوليتها.
2. الحلول والمعالجات الجادة.ش
تحتم المصلحة الوطنية العليا والتوجه الموضوعي معالجة ما يعتمل في بعض المحافظات الشمالية والجنوبية والوطن بشكل عام بالنظر إليه من زاويتين:
الزاوية الأولى: حقوقية ونظامية وتمثل في المطالب النظامية الحقوقية المشروعة التي تقع مهمة معالجتها على عاتق أجهزة الدولة بكامل سلطاتها لمعالجتها واتخاذ الإجراءات التنفيذية لحلها وفق برامج زمنية مدروسة وآليات مرنة وشفافة واطلاع الرأي العام على نتائج ما تتوصل إليه الأجهزة المختصة لتقصي الحقائق في مختلف المحافظات.
الزاوية الثانية: فكرية سياسية وتتوزع على شقين:
الشق الأول : تأصيل وتعزيز المشروع الوطني الحضاري الكبير ممثلاًَ بالوحدة والديمقراطية والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية الهادفة لبناء المجتمع المدني بالطرق الحضارية وتعزيز أركان الدولة اليمنية الحديثة، مما يتطلب رص كل الصفوف والدفاع عنها وعدم السماح بالمساس بها، وهذا يحتم إجراء حوارات سياسية جادة وشفافة بين مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني باعتبار هذا المشروع محل الإجماع الوطني العام لا يمكن التنازل عنه تحت أي مبرر كان.
الشق الثاني: يتمثل في معالجة الاختلالات الحاصلة بعد أحداث 1994م والتعاطي معها بمسئولية وطنية من قبل سلطات الدولة (مجلسي النواب والشورى، السلطة القضائية، مجلس الوزراء) بمشاركة السلطة المحلية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمواجهتها ومعالجتها بحكمة وجدية ومسئولية وطنية عالية، وفي مدى زمني محدد.
ثانياً: على الصعيد الإعلامي
1. أسهم الخطاب الإعلامي الرسمي والمعارض على السوى بدور سلبي ومؤثر بما يمارسه من مدح وقدح الآخر وفي تصعيد الأفعال وردود الأفعال، وبالتالي تأجيج حدة التباينات وإتساع هوة الخلافات بين شركاء (فرقاء) العمل السياسي (سلطة ومعارضة) ،على هذا الأساس تبدو لنا وجاهة ومنطقية خشية العقلاء اليمنيين وفي المقدمة منظمات المجتمع المدني والرأي العام بل وحتى غير اليمنيين من مُحبي اليمن- من النبرة الإعلامية التصعيدية المؤججة للأفعال وردود الأفعال إزاء ما شهده ويشهده الوطن اليمني من أحداث ومواقف وتداعيات ودعوات ،وإذا ما تقصينا واستغورنا أسباب إطلاقها من عقالها أو بحثنا عن دواعي تأجيجها، ألفينا خلفها مشهداً لخطاب إعلامي لا يمت بصلة للعقلانية ولا الحرص على وحدة الوطن وسكينة المجتمع وسلامه الاجتماعي، بل ولا نبتعد عن محجة الصواب حين نزعم أن الخطاب الإعلامي بشقيه في مقام من يسكب الزيت على النار أو السادر في غيه وإصراره على إيقاظ الفتنة النائمة، غير، آبه بأن إيقاظ الفتنة إنما هو دفع لإشعال الحرائق في الوطن، كل الوطن والعمل بوعي أو بدون وعي على تهيئة المناخات لأعداء اليمن وخصومه لتحقيق مآربهم في شرذمة وتشظيته ودفعه إلى مهاوٍ كارثية لا يعلم سوى الله وحده عواقب إلقاء الوطن من أعاليها.
وهو الأمر الذي يتوجب معه قيام الإعلام اليمني بدور إيجابي من أجل خدمة وحماية الوطن وتحقيق التنمية الشاملة في المجتمع ،وذلك من خلال استقلالية الإعلام وتمتعه بالحرية المهنية المسئولة تحت سقف الثورة والوحدة والديمقراطية، عن طريق إمداد المجتمع بالمعلومات والحقائق التي تساهم في إحداث التنمية المجتمعية المستدامة، وتزويدهم بالمهارات الجديدة اللازمة لإنجاح التنمية، بمقتضى الحق الدستوري والمعلوماتي، إلى جانب التأكيد على أهمية دوره في عملية الإعداد الثقافي الوطني السليم لعقل الفرد والمجتمع والتي تتحدد أهدافها وأساليب تحقيقها في إطار خطة متكاملة للتنمية الشاملة، والممارسة المسئولة للرأي والرأي الآخر والنقد البناء واحترام الثوابت الوطنية لمسيرة الثورة والوحدة والديمقراطية والسلم الاجتماعي والعدالة والتنمية ،والكف عن النفاق وتزييف الوعي وتضليل الرأي العام بالتستر على الأخطاء والإنحرافات والفساد إينما وجد وحيثما كان.
ثالثاً: على صعيد الحكم المحلي
شكلت تجربة السلطة المحلية من الناحية التشريعية سبقاً تاريخياً وطنياً رائداً وإنجازاً قومياً وتنموياً لا يستهان به. الا أن ما تحقق ويطبق على ارض الواقع لم يرقى إلى مستوى الطموح الوطني والسياسي المأمول بل تعرض في كثير من جوانبه إلى حالات من الإخفاق والتعثر ويتمثل كل ذلك في الآتي:
1- استمرار التسلط المركزي من قبل الكثير من الاجهزة البروقراطية المركزية في العاصمة وحتى في بعض المحافظات على مبادرات وصلاحيات السلطة المحلية مما أدى إلى إحباط واضح من قِبل أغلب المواقع المسئولة وأدى إلى تعطيل المبادرات والإجراءات والأوامر التي صدرتها القيادة السياسية والحكومة لمعالجة الكثير من المشاكل والقضايا العامة التي برزت في بعض المحافظات، وهذا التعطيل أدى إلى تفاقم المشاكل وتصعيدها، بل وتم توظيفها على نحو أضّر بالأمن والسلم الاجتماعيين، ولذا يجب محاسبة كل المتسببين عن ذلك الإحباط والتعطيل لهذه الإرادة السياسية ولتنفيذ قوانين السلطة المحلية ، وعدم التهاون معهم، لاسيما والقانون لم يطل أحد منهم بالعقوبة الرادعة حتى الآن.
2- ضعف قدرة السلطات المحلية في حل ومعالجة العديد من المشاكل والقضايا التي برزت في مختلف محافظات الجمهورية بشكل عام والمحافظات المحددة بشكل خاص رغم تمتعها بصلاحيات ومسئوليات قانونية، بسبب طغيان السلطة المركزية من جهة وضعف كفاءة السلطة المحلية في ممارسة صلاحياتها من جهة أخرى ، وتدني إمكانياتها وتجهيزاتها من جهة ثالثه .
3- ضعف تطبيق وإحترام قانون السلطة المحلية من قبل السلطات المحلية نفسها الأمر الذي يحد من الانتقال إلى ممارسة وتطوير الصلاحيات الواسعة للسلطة المحلية لخيار وطني لا رجعة عنه والبدء السريع بإجراء التعديلات الدستورية والقانونية اللازمة لذلك، بما يكفل تحقيق حكم محلي كامل الصلاحيات بروح دستور الوحدة اليمنية ومسيرة التغيير الوطني الديمقراطي الشامل.
رابعاً: على صعيد المتقاعدين والمحالين للتقاعد والموقوفين عن العمل
من خلال الوقوف على أهم معالم هذه المشكلة بأبعادها الاجتماعية والسياسية والحقوقية تبين إتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير لمعالجة هذه المشكلة ولكن دون استكمال معالجات مكتملة وحقيقية لجميع المنقطعين والموقوفين مما يحتم وطنياً وحقوقياً إنجاز الإجراءات المتعلقة تسوية أوضاع الموظفين الذين أحيلوا للتقاعد والموقوفين عن العمل وتفنيد كل حالة على حدة واتخاذ الإجراءات السريعة لمعالجة هذه المشكلة، وتحميل الجهات الحكومية المسئولية الكاملة عن أي تقصير وفقاً للتوجيهات والأوامر التي صدرتها القيادة السياسية وتنص عليها القوانين النافذة على أن تكون المعالجة عادلة وفقاً للاستحقاق القانوني وبعيداً عن الحسابات السياسية ووضع جدولاً لتجاوز هذه المشكلة .
خامساً: على صعيد الأراضي العقارية والزراعية
برزت مشاكل الأراضي العقارية والزراعية في كل المحافظات لتشكل منطلقاً للفوضى والاحتقانات والاختلالات الأمنية ومؤشراً على غياب الرؤية الوطنية الثاقبة للاستفادة من هذا المورد الوطني الهام الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى معالجات حقيقية للكثير من المشاكل السكانية وفرص ومجالات التنمية والاستثمار حيث برزت مظاهر السطو والبسط والتوزيع غير العادل للأرض واستئثار قلة من المتنفذين والمتحايلين على القانون بمساحات شاسعة دون وجه حق في مقابل حرمان السواد الأعظم من المحتاجين للانتفاع بها للسكن والاستثمار الحقيقي ، الأمر الذي يمكن معالجته من خلال الآتي:
1- تنفيذ الأوامر والتوجيهات العليا وقرارات مجلس الوزراء الخاصة بأراضي الجمعيات الزراعية والسكنية وأراضي التعويضات وعدم السماح لأية جهة بالتعدي عليها أو السطو أو إزالة أية استحداثات تمت عليها من قبل أي شخص أو جهة مهما وأينما كانت. والعمل على بناء الوحدات السكنية لمحدودي الدخل وعدم السماح بأي عبث أو احتواء أو استحواذ عليها ويتم صرفها للمستحقين لها فعلاً وعبر الجهات المختصة ذات العلاقة في الزراعة والإسكان وفقاً لنظام وبرنامج زمني محدد، وطبقاً لما ينص عليه القانون المدني وأحكام قانون أراضي وعقارات الدولة وقانون الاستثمار.
2- إعداد خرائط ومخططات توجيهية لكل المناطق القابلة للسكن أو الاستثمار بحيث توضح عليها مؤشرات التوسع العمراني للمدن الرئيسة في البلاد وحتى عام 2025م، وتحدد المساحات التي ستخصص للسكن الشخصي وللاستثمار العقاري والمشاريع السكنية وما هو لإنشاء المصانع والورش والتي يجب أن تكون بعيدة عن أماكن التجمعات السكنية مع مراعاة صحة وسلامة البيئة، مع ضمان توفير الخدمات اللازمة للبنية التحتية لهذا التوسع العمراني.
3- حصر كل الأراضي التي صرفت في المحافظات تحت اسم الاستثمار، وإبلاغ أولئك الذين صرفت لهم هذه الأراضي بضرورة تنفيذ مشاريعهم والبدء بالعمل فيها خلال فترة زمنية محددة ما لم فيتم سحب هذه الأراضي وبيعها أو تأجيرها على الأصح بالمزاد العلني ليعود ريعها لصالح تطوير البنى التحتية في هذه المحافظات، وبالتلازم مع هذا الإجراء يتم الوقوف أمام المعوقات الحقيقية التي حالت دون الاستفادة من هذه الأراضي للأغراض التي صرفت لهم من أجلها.
4- عدم صرف المساحات الكبيرة لأي شخص أو أية جهة إلا إذا كان سيقيم عليها مشروعاً استثمارياً حقيقياً وفعلياً أما بغرض المتاجرة العقارية فيجب إيقاف ذلك وعدم السماح به تحت أي مبرر أو إدعاء.
5- حق كل مواطن بحصوله على قطعة أرض ليبني عليها سكناً شخصياً له ولعائلته مع تسهيل وتيسير إجراءات حصول المواطنين على الأراضي التي خصصت لهم وتمكينهم منها بما في ذلك صرف الوثائق اللازمة لهم بالتمليك أو التأجير ويجب أن يعامل المواطنون في مختلف مناطق الجمهورية بتطبيق القانون بمعيار واحد تمليكاً أو انتفاعا أو اجارة.
6- تقديم قروض ميسرة للمواطنين لبناء مساكن شخصية مع إعطاء الأولوية للموظفين محدودي الدخل وعلى أن تقدم القروض بضمانة الأرض الممنوحة للمستفيدين.
7- عدم السماح بالبناء في الأراضي الزراعية، وخاصة في دلتا أبين، تبن، وادي حضرموت، تهامة، والوديان والقيعان في جوانب وسطح الهضبة.
8- تخصيص الاعتمادات المالية لاستكمال مشاريع البنية التحتية في المحافظات بما يساعد على تعزيز فرص ومجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
9- إقامة مدن سكنية في عاصمة الدولة والمحافظات الرئيسية لاستكمال استيعاب القوى العاملة في الجهاز الإداري والمؤسسات المدنية من المنتقلين من المحافظات من الكوادر الفنية والإدارية والعلمية ضمن مشروع وطني متكامل يحقق الاستقرار المطلوب.
10- إعادة المبالغ المحصلة من بعض المواطنين مقابل منحهم قطع أرض سكنية أو زراعية وتعذر استلامهم للأرض وتمليكهم في ما خصص لهم من الأراضي السكنية والزراعية .
11- استكمال معالجة قضايا الأراضي الزراعية بإعادة الأرض لمُلاكها الحقيقيين أو تعويضهم عنها تعويضاً عادلاً على أن يقوموا بعمارتها زراعياً وصناعياً وتجارياً بما يعود بالنفع منها عليهم وعلى المجتمع وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية وعدم هجرها.
المحور الثالث
الإصلاحات الدستورية والتشريعية
لا شك أن ما شهده اليمن من تحولات سياسية خلال التسعة عشر عاما الماضية يجعل القيام بإعادة النظر في الجوانب الدستورية والتشريعية مسألة طبيعية في بلد من بلدان الديمقراطيات الناشئة لذلك.
فإن عملية الإصلاح الدستوري لا بد أن تكون منطلقة من الشريعة الإسلامية السمحاء والاعتبارات الاجتماعية الموضوعية والعقلانية ومغيرات الزمان والمكان وأن تراعي عدة اعتبارات، في صدارتها:
أولاً: الأشكال الدستورية والتشريعية العامة :
يجب أن نستخلص من تجربتنا الدستورية خلال المرحلة الماضية وما يطرح على الساحة السياسية والاجتماعية من تصورات ومشاريع للإصلاح الدستوري في جوانبه المختلفة الأمور الآتية:
1. النظام الرئاسي- النظام البرلماني – النظام المختلط (رئاسي برلماني).
2. الحكم المحلي (اللا مركزية): حكم محلي واسع الصلاحيات – حكم محلي كامل الصلاحيات.
3. النظام الانتخابي: إدارة حزبية– إدارة حكومية– إدارة محايدة– القائمة الفردية– القائمة النسبية المغلقة– القائمة النسبية المفتوحة.
4. مبدأ الفصل بين السلطات: الفصل الكامل– الفصل المرن– توازن السلطات– التداخل بين السلطات- تحديد المرجعية الدستورية لاحترام مبدأ الفصل ومنع تجاوز أي سلطة لحدود اختصاصاتها الدستورية والقانونية.
5. النظام القضائي: القضاء الموحد– القضاء المزدوج– فصل القضاء الدستوري عن القضاء العادي– فصل مجلس القضاء الأعلى عن المحكمة العليا – إلغاء منصب وزير العدل.
6. الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية: مجلس النواب– المحكمة الدستورية والإدارية– جهاز الرقابة والمحاسبة.
7. حرية الصحافة وتحديد سقف دستوري وقانوني لهذه الحرية في إطار الدور الوطني الذي يقع عليها، وتأكيد الحماية القضائية لحرية الصحافة ووسائل الإعلام بما يمكنها من القيام بدورها الرقابي والتوعوي، والإسهام في تعزيز الوحدة الوطنية ونشر الثقافة الوحدوية ومحاربة كل مظاهر نشر الثقافة المشوهة والمنحرفة التي تستهدف المساس الثوابت الوطنية.
ثايناً: النموذج الدستوري والتشريعي الانسب لليمن
انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات في الدستور اليمني والتبادل السلمي للسلطة وتعزيز الشراكة السياسية والإدارية فيها، وفي ضوء التجربة السابقة والحالية فان النموذج الأصلح لسياسة وإدارة الدولة في اليمن يتمثل في الاتجاه الذي نطمح إليه وهو العمل على تحقيق إصلاحات دستورية وبرلمانية ومحلية ترتكز على مبدأ الفصل الدقيق والواضح بين السلطات وعلى أساس مؤسسة رأسية منتخبة من الشعب تجسد رمز السيادة الوطنية وسلطاتها العامة في حماية الدستور والأمن القومي والدفاع الوطني والتخطيط الاستراتيجي وإعلان الحرب وإدارة حالة الطوارئ وحل البرلمان في الظروف غير العادية ووفق حيثيات ومسببات محددة , في مقابل نظام برلماني لحكومة ورئيس حكومة منتخبين من أغلبية البرلمان تضطلع بكامل صلاحيات إدارة الدولة المركزية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا طبقا للدستور والقانون , إلى جانب نظام حكم محلي كامل الصلاحيات المحلية تخطيطا وتنفيذا وتشريعا وبما لا يخل بالثوابت الوطنية لمبادئ الثورة والوحدة والديمقراطية وما يقضي به الدستور والقوانين العامة النافذة من البرلمان.
المحور الرابع
مقترح لبرنامج العمل الوطني المشترك لمرحلة ما بعد تأجيل الانتخابات وموعد استحقاقها في ضوء استخلاص عبر الماضي ومواجهة تحديات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل
أولاً: استخلاص عبر الماضي (اليمن بين ما كان وما هو كائن)
1. كان اليمن منسياً بفعل ظلم واستبداد الإمامة وعزلتها من جهة، وهيمنة الاستعمار من جهة أخرى، فصار معروفاً بالثورة والجمهورية (سبتمبر وأكتوبر) ومبادئهما وثوابتهما الوطنية والقومية والإنسانية.
2. كان اليمن صغيراً بالتجزئة، فصار كبيراً بالوحدة والديمقراطية التي ارتكزت على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات والشراكة السياسية في السلطة والتداول السلمي لها وبمقتضى الدستور والقانون.
3. كان اليمن شديد التخلف بتخلف الإمامة واستغلال الاستعمار، فصار ناهضاً بإنجازات الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.
ثانياً: تحديات الحاضر فيما يتعلق بالثورة والوحدة والأمن والاستقرار:
1. التحديات الموجهة ضد الثورة والجمهورية (سبتمبر وأكتوبر):
أ. تنامي النزعات الرجعية والمناطقية والطائفية والقبلية والأسرية.
ب. تراجع مُثل وقيم الثورة والجمهورية وروح الثقافة الوطنية والقومية، والإنسانية.
ج. تغليب المصالح الشخصية على الحقوق والمصالح الاجتماعية والوطنية العامة.
2. التحديات المحيطة بالوحدة والديمقراطية:
أ. ضعف القناعة بتعزيز دولة المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني ومبدأ التداول السلمي للسلطة نتيجة لاحتكار السلطة وضعف المعارضة.
ب. تراجع مبدأ الشراكة السياسية في السلطة ومصداقية الممارسة الديمقراطية.
ج. تفاقم الفساد المالي والإداري من جهة وتغييب مبدأ الثواب والعقاب من جهة ثانية.
3. تحديات الأمن والاستقرار والتنمية:
أ. تغييب فاعلية القانون والنظام كمرجعية عليا للسلطة وإدارة شئون المجتمع.
ب. تعطيل دور القطاعين العام والتعاوني وهبوط سقف العدالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية, واختلال توزيع الموارد وتقديم الخدمات وتحقيق التكافل الاجتماعي حيث تدنت العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة الوطنية.
ثالثاً: الآفاق المستقبلية(المواجهة والانطلاق نحو ما ينبغي أن يكون)
1. إصلاح المسار الوطني العام انطلاقاً من:
أ. استنهاض الوعي والمسئولية العامة نحو ثوابت الهوية الوطنية والتاريخية من خلال:
- تعزيز حُب الوطن في الوجدان الجمعي العام وإيقاظ روح الانتماء إليه والدفاع عنه.
- تفعيل جوانب التاريخ والتراث الوطني الإيجابي بإحياء الذاكرة التاريخية ومراحل النضال الوطني ورموزها البارزة عبر التاريخ.
ب. حماية الثوابت الوطنية المتمثلة بالثورة (سبتمبر/أكتوبر) والوحدة والديمقراطية والتقدم من خلال:
- حسم المشكلات والخلافات المتمترسة بالنزعات المناطقية والطائفية والأسرية والرجعية بقوة الحُجة الوطنية والدستورية والوسائل المشروعة على قاعدة الحوار البناء المفضي إلى حماية الثوابت الوطنية.
- تعزيز روح الثقافة والهوية الوطنية انطلاقا مما هو قطري مرورا بما هو قومي وإسلامي وصولاً إلى ما هو أنساني في مواجهة ثقافة العنف والكراهية والتخلف على المستوى المحلي والإقليمي والدولي كخير ضمان لحماية ثوابتنا الوطنية والتعايش الايجابي مع الأخر .
ج. تجسيد دولة النظام والقانون من خلال:
- الاحترام التام لمبادئ الثورة والجمهورية وقواعد الممارسة الديمقراطية من جهة وتعزيز بناء دولة الشراكة السياسية الحقة تحت مظلة النظام والقانون والدستور.
- استئصال شأفة الفساد ومحاسبة المفسدين، وإقامة مبدأ الثواب والعقاب عن طريق المؤسسات الرقابية الدستورية والقانونية النافذة.
- ضمان حق كل مواطن في العيش الكريم بالعمل والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي طبقاً للدستور.
- ضمان واحترام مبدأ تكافؤ الفرص والمواطنة المتساوية لكل الناس في الحقوق والواجبات طبقاً للدستور والقانون, وجعل الوظيفة العامة واجب وحق لمن هو كفؤ لها لا مكافأة أو هبه لمن لا يستحقها.
2. إصلاح المسار التشريعي والسياسي على أساس :
أ. نظام رآسي منتخب يعزز دور مؤسسة الرئاسة كرمز للسيادة الوطنية من خلال مسؤليتها في حماية الدستور، والتخطيط الاستراتيجي للوطن، وحماية الأمن القومي، والدفاع الوطني، وإعلان الحرب، وحالة الطوارئ وإدارتها والسياسة الخارجية، وحل البرلمان في الظروف غير العادية ووفق حيثيات وأسباب محددة.
ب. نظام برلماني يدير شئون الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا من خلال رئيس وزراء منتخب من الأغلبية البرلمانية , وحكومة حائزة لثقة البرلمان فرديا وجماعيا، تضطلع بمهام إدارة الدولة بكامل الصلاحيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في التخطيط والتنفيذ المركزي وفقا للدستور والقوانين الوطنية النافذة وتحت رقابة البرلمان.
ج. حكم محلي كامل الصلاحيات( تخطيطا وتنفيذا وتشريعا وادارة) بما لا يخل بالثوابت الوطنية في مبادئ الثورة والوحدة والديمقراطية، أو يتعارض مع الدستور والقوانين العامة الصادرة من البرلمان.
د. يتكون نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات من ثلاثة مستويات (إقليم- محافظة- مديرية)، تراعى في تخطيطها الاعتبارات الاجتماعية والإدارية والجغرافية، ويتكون الاقليم من عدد من المحافظات التي تتشابه في ظروفها الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية, والمحافظة من عدد من المديريات في نطاق المحافظة , والمديرية من عدد من العزل والقرى والمحلات في نطاق كل مديرية .
3.إصلاح المسار الاقتصادي على أساس:
أ. قطاع سيادي وطني شامل: يختص بملكية الموارد الطبيعية مما هو على سطح الأرض من الأراضي البيضاء (الزراعية، الصخرية، الرملية) وما في باطنها من الموارد المختلفة من جهة، وما على سطح وباطن مياه البحر الإقليمية والامتداد والفضاء الجوي براً وبحراً من جهة أخرى، استناداً إلى مبدأ حق السيادة الوطنية وحماية الحقوق الوطنية والقومية العليا للوطن.
ب. قطاع اقتصادي عام بشراكة خاصة : يتولى تشييد البنية الأساسية التحتية للتنمية وتشييد وإدارة مشاريع المرتفعات الإستراتيجية العليا للاقتصاد الوطني ,الإنتاجية منها والخدمية الأساسية في مجال (الزراعة، الطاقة، التعدين، التصنيع الثقيل والمتوسط والحساس) من جهة، و تأمين الحقوق والخدمات المجتمعية الأساسية في (التعليم والصحة والعمل والضمان الاجتماعي الشامل) من جهة ثانية، وبالشراكة الجزئية مع القطاع الخاص في الإدارة ورأس المال.
ج. قطاع رأسمالي وطني خاص بشراكة عامة: يختص بإدارة وتشغيل كامل اقتصاد السوق الرأسمالي الوطني المُجدي اقتصادياً (صناعة، تجارة، زراعة، خدمات مختلفة) وبالشراكة الجزئية والداعمة من قبل الدولة والقطاع العام.
د. قطاع أهلي بقيادة ورأسمال تعاوني مشترك: يختص بتجميع القدرات الاجتماعية والمدخرات الاقتصادية الفردية غير الرأسمالية في القطاعات الاجتماعية المختلفة (مزارعين، صيادين، حرفيين، مدرسين، موظفين، جنود، مجتمعات محلية،...الخ) في أوعية اقتصادية مؤسسية تعاونية تركز على خدمات التنمية الاقتصادية الاجتماعية المحلية والقطاعية المجتمعية المختلفة بالدرجة الأولى، وبالشراكة الجزئية والدعم المباشر من قبل الدولة والقطاعين العام والخاص.
رابعاً: بلورة المسار المستقبلي لدور اليمن في التعامل مع الآخر:
1. التسليم بيقين وضرورة أن العالم الكبير والمجهول في الماضي قد أصبح اليوم قرية معلوماتية صغيرة، والأجدر بالحياة والتقدم هو من يقوى على فهم وصناعة دوره في نطاق هذه القرية الصغيرة الكبيرة في الوقت نفسه ككل، لا من يتوهم القدرة على البقاء بمعزل عنها أو في قوقعة مغلقة فيها.
2. اليمن بحكم موقعها وتاريخها ومواردها وانتمائها العربي والإسلامي والإنساني تملك الإمكانيات الكافية بل والمميزة التي تمكنها من القيام بدور فاعل على الصعيد الوطني والقومي والإقليمي العربي والإسلامي والدولي، سياسياً واقتصادياً وثقافياً إذا ما أحسنت فهم هذا الدور والقيام به كضرورة وليس مجرد خيار يمكن القيام به أو تركه، لأن من لا يحسن اختيار موقعه في عالم اليوم يُجبر على الوقوف حيث يريد له الآخرون حتماً.
3. إن كل ما سبقت الإشارة إليه من مسارات الإصلاح والتغيير الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي لا بد وأن يتم وبالضرورة في ضوء فهم وإدراك كل المتغيرات الجارية عربياً وإسلامياً ودولياً لا بمعزل عن كل ذلك، بالنظر إلى حتمية التأثير والتأثر بكل ذلك سلباً وإيجاباً.
خامساً: آلية العمل التنفيذية:
تعمل كل من مؤسسات الدولة الرسمية ذات العلاقة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والكفاءات العلمية والفكرية المستقلة، وكافة فئات المجتمع وبشراكة جماعية متكافئة على بلورة كل ما جاء في هذه الرؤية وتحويلها من رؤية لمنظمات المجتمع المدني إلى برامج عمل فعلية وإجراءات عملية لخطة عمل استراتيجية شاملة لمرحلة ما بعد تأجيل الانتخابات وحتى موعد استحقاقها من أجل يمن الوحدة والتغيير. حتى لا نظل ندور في حلقة مفرغة ويأتي موعد الاستحقاق الانتخابي ونحن في موقف أكثر تردٍ مما نحن عليه الآن, بل الأسوأ والأخطر من ذلك إن يحل الموعد و قد تأتي وتجري رياح الشر بما لا تشتهي سفن الخير والسداد إلى ما هو أسوأ وأشد وأنكى لا سمح الله إذا ما ظل التمترس الأعمى في حلقة الظلام المفرغة على ما هو عليه وكما يقال فان إشعال شمعة خير من لعن الظلام.
سادساً: مزايا الاستجابة ومخاطر الإحجام والتردد:
1. إن الاستجابة لمسار الإصلاح الوطني العام من شأنه تعزيز وحماية المكاسب الوطنية الكبرى في مسيرة الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية وتطويرها، وفي المقابل فإن الإحجام والتردد من شأنه يقيناً تهديد كل هذه المكاسب بالانهيار الفوري أو التآكل التدريجي، وضياع المصلحة الوطنية المشتركة للحاكم والمحكوم معاً، وحتى لا نندم وقت لا ينفع الندم.
2. إن الاستجابة للإصلاح السياسي من شأنه حماية الوحدة الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار وإرساء مداميك دولة النظام والقانون وتحقيق الشراكة الحقيقية في السلطة وتأمين تداولها السلمي الحق، في مقابل أن الإحجام أو التردد من شأنه الحيلولة دون كل ذلك والدنو أكثر فأكثر نحو هاوية الفوضى والتمزق المُدمر للجميع وللسلطة قبل المجتمع، والعاقل من اتعظ بغيره.
3. إن الاستجابة للعمل على مسار الإصلاح الاقتصادي المشار إليه من شأنه إطلاق الصفارة الحقيقة لقاطرة النهوض والتقدم الحقيقي في الاتجاه الصحيح، وبأقل كلفة وأقصى عائد ممكن وأكبر درجة ممكنة من التوازن والعدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وفي المقابل فإن الإحجام أو التردد من شأنه تكريس حالة الفساد المالي والإداري وتعطيل حركة التنمية وتشويهها والانحدار إلى مهاوي المزيد من تدهور الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والمعيشي للمجتمع على رؤوس الجميع دون استثناء والحُكام أكثر من المحكومين.
4. إن الاستجابة والفهم لدور اليمن المستقبلي وطنياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً في ظل متغيرات الزمان والمكان من شأنه أن يجعل من اليمن أعلى قامة وأكبر حجماً وأكثر فاعلية على كل الأصعدة وانتفاعاً من الغير ونفعاً لهم، في مقابل أن الإحجام والتلكؤ من شأنه العودة باليمن إلى دائرة النسيان حجماً وفاعلية ونفعا للغير وانتفاعا بها، ومن لا يُحسن اختيار مكانه ودوره في عالم اليوم اقتيد رغم أنفه إلى حيث يريد له الآخرون أو يتعفن في مكانه، والمرء حيث يضع نفسه.
وختاماً لا ننسى قول الخالق عز وجّل {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } صدق الله العظيم.
والله من وراء القصد،،